لا يسعك حين تسمع بمصطلح "فيلر" أو "بوتوكس"، إلّا أن يراودك وجه أنثى فائقة الجمال، ولكنّ هذه الصورة الذهنية المحصورة بالأنثى يبدو أنها تغيّرت، فاليوم أصبح الرجال يتقدمون على النساء في إجراء عمليات تجميليّة.
ليصبح الذكور في سورية اليوم أكثر انفتاحاً وأقل تحفظاً بشأن إجراء العمليات التجميلية والحديث عنها، ويرى البعض أن السبب في ذلك هو تأثرهم الكبير بالرسائل الإعلامية والإعلانية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تعتمد على تكريس الأفكار الغربية ضمن المجتمعات الشرقية، بينما يرى آخرون أن الرجل، مثل المرأة، لديه بعض العيوب التي يرغب في تحسينها، ليبدو في مظهر لائق، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على حالته النفسية.
تفوقوا على النساء:
باتت عمليات التجميل غريزة فطرية مطلقة، لا تتوقف على الإناث.
فعلى الرغم من إقبال النساء الكبير على التجميل من أجل تحسين مظهرهن أو مواكبة "الموضة"، فإن هذا المجال بات مطروقاً من جانب الرجال، فلم يعد مستغرباً وجودهم إلى جانب النساء في عيادات التجميل، رغبةً في تحسين مظهرهم وإطلالتهم.
وهذا ما أوضحه طبيب تجميل ل "داما بلاتفورم" بأنه في الآونة الأخيرة أصبح الشباب يتوافدون على عيادات التجميل أكثر من النساء، مقابل كل فتاة يأتيه ثلاث شباب، بما يزيد على الضعف تقريباً، بحسب قوله.
وأضاف الطبيب بأنه أجرى الشهر الماضي عمليات تجميلية لسبعة شباب، مقابل ثلاث فتيات فقط، مؤكداً على أنهم يفضلون بشكل متزايد إجراء "البوتوكس" لإخفاء التجاعيد، إضافةً إلى "الديرما بين" لإزالة ندبات الحبوب عن الوجه، و"فيلر" أسفل العينين للتخلص من الهالات السوداء.
وبحسب الطبيب، إن إجراء مثل هذه العمليات التجميلية تنعكس على نفسية الشباب بشكل إيجابيّ، وتزيد من ثقته بنفسه وتشعره بالسعادة والرضا عن ذاته، لأنه يسيطر علينا زمن الجمال والموضة.
دوافع كثيرة وحلّ وحيد:
أما بشأن الأعداد وازديادها خلال الفترة الماضية، فإن عمليات التجميل تزداد نسبتها سنوياً بسبب تطور الجراحة التجميلية كاختصاص حديث، إلى حدّ ما، بين الاختصاصات الطبية.
وبحسب إحصائيات رسمية، فإنّ نسبة المقبلين على إجراء العمليات التجميلية بين الذكور في سورية تزداد من عام إلى آخر، ووسطياً وصلت النسبة عام 2022 إلى 15%، وكانت العمليات الأكثر طلباً للرجال هي تجميل الأنف وشفط الدهون.
يقول "سيف" لداما بلاتفورم بأنه تردد كثيراً قبل اتخاذ هذه الخطوة، لكن بعد مشاهدة الكثير من أصدقائه يقومون بهذه العمليات، من دون ان تشكّل خطراً على حياتهم، أو تؤثر في صحتهم، اتخذ قرار إجراء عملية "تكميم المعدة"، لأنه كان يتعرض لمواقف تنمر من بعض الأصدقاء بسبب معدته.
فمن أهم الأسباب الّتي تدفع الشباب لإجراء هذه العمليات هي تشوّهات خلقية أو مشاكل تحتاج لتعديل أو تحسين، فليس دائماً السبب لإظهار الجمال ومواكبة الموضة.
والسبب الآخر هو تسليط الضوء على الجراحات التجميلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقلّما نتصفح "انستغرام" أو غيره ولا نجد عشرات الفيديوهات الّتي تبين تغيّر شكل أحدهم قبل وبعد عمليات التجميل.
إضافةً إلى المسلسلات والبرامج التلفزيونية الّتي تقدم الأشخاص، في صورة مثالية، وهو ما يخلق حالة من الرغبة في التجميل لدى الرجال من أجل الاقتداء بأولئك الأشخاص.
ولا يمكننا إغفال الدور الكبير الّذي تلعبه التطبيقات الشائعة مثل "سناب شات" وغيرها الّتي تتيح للمستخدمين تحسين مظهرهم، في إحداث نزعة خطيرة بين الشباب الذين يفضلون هيئتهم المعدلة الرشيقة بشكل كبير على الواقع، إضافة إلى "الفلاتر" وتطبيقات تنقيح الصورة.
مازال الوضع تحت السيطرة:
إن فكرة التجميل للذكور لم تعد مرفوضة بالمطلق داخل المجتمع السوري، على الرغم من الضوابط الاجتماعية الشرقية الموجودة، فيرى الكثير بأنه أمام التطور الطبي الكبير الذي يحدث في العالم، والانفتاح الثقافي بين مختلف المجتمعات، أصبح من الطبيعي لجوء بعض الشبان إلى عمليات التجميل، حيث أن هذا الأمر طبيعي ما دام معتمَداً ضمن الحدود المعقولة، ومرتبطاً بحاجة طبيّة معينة إلى تجميل تشوّه ما، لكن عندما يتحول الأمر إلى هوس، مثلما يحدث مع النساء حالياً، فهنا تكمن "الكارثة".
وبرغم ازدياد نسب إقبال الذكور في سورية على عمليات التجميل، إلّا أنه لم يصل بعد إلى نسب عالية ويبقى ضمن الحدود الدنيا، مقارنةً بالدول الاخرى، نظراً إلى وجود عدة عوامل تحد انتشار هذه الظاهرة، منها: الحرب على البلاد والعوامل الاقتصادية واللضوابط الاجتماعية، التي تفرض على الذكور نمط حياة معيناً، في كثير من الأحيان.
راما علبه