مقالات اقتصادية

الجمعة السوداء

post-img

صدر هاتف محمول جديد في السوق ولكنه غالٍ، يلزمك أشياء جديدة بعد أن نفدت القديمة، لا شكّ بأنك ستبحث عن منتجات بأسعار مناسبة خصوصاً إذا نفد كلّ شيء بذات الوقت، وبالطبع هذا تفكير اقتصاديّ سليم، لكن تصوّر بأنّ هناك يوماً مناسباً لك وجاهزاً لخدمتك، إنّه يوم يشتري فيه الناس أغراضهم عوضاً عن السنة كلّها.

أصبحت "الجمعة السوداء" أحد اكثر أيام التسوق ازدحاماً في العالم في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا وكثير من الدول، حيث تقدم المتاجر عروضاً خاصة على أسعار مجموعة متنوعة من السلع في محاولةٍ لجذب المتسوقين إلى المتاجر مع تقديم صفقات مماثلة عبر الإنترنت، بالرغم من الإقبال الكبير من جانب المتسوقين على الشراء خلال ما يعرف بـ "Black Friday"، فكل ما يعرفه الكثيرون عنها هو فقط ارتباطها بالتسوق استعداداً لأعياد الميلاد.

ما قصة "الجمعة السوداء"؟

ظهر مفهوم "الجمعة السوداء" في آخر يوم جمعة من شهر تشرين الثاني من كل عام، اليوم التالي لعيد الشكر في الولايات المتحدة الأمريكية.

تاريخياً بدأت حكاية "الجمعة" بأزمة اقتصادية ضخمة عندما قام خبيرا المال الأمريكيان "جيم فيسك" و "جاي غولد" بشراء كمية كبيرة من الذهب أملاً في تحقيق أرباح ضخمة من خلال بيع الذهب لاحقاً بعد ارتفاع سعره، وفي الرابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 1869 انهار سوق الذهب الأمريكي وسمي هذا الانهيار الذي بدأ يوم الجمعة بالجمعة السوداء ما دفع "فيسك" و "جاي" لإعلان إفلاسهما.

وجاء هذا اليوم لتنخفض قيمة الأسهم 20% وتوقفت التجارة الخارجية وعانى المزارعون من انخفاض بنسبة 50% من قيمة محصول القمح والذرة، ولتغطية الخسائر، اضطر أصحاب المحلات التجارية والسلع لبيع بضائعهم بأقل من ثمنها.

ومع مرور الأيام، اعتاد التجار على تقديم تخفيضات كبرى على بضائعهم في مثل هذا اليوم كل عام لتذكر هذه الأزمة.

من جانب آخر، يقال أنها ظهرت أول مرة في عام 1960 من قبل شرطة مدينة فيلاديلفيا التي أعطت هذا المسمى حيث كانت تظهر اختناقات مرورية كبيرة وتجمهر وطوابير طويلة أمام المحلات خلال هذا اليوم المعروف بالتسوق فوصفت إدارة شرطة مدينة فيلادلفيا ذلك اليوم بـ "الجمعة السوداء" لوصف تلك الفوضى والازدحامات في حركة المرور من مشاة وسيارات.

الجمعة السوداء والمنطقة العربية:

بالرغم من أن هذا الحدث منتشر في الدول الغربية ومعظم دول العالم إلا أن موقع سوق "دوت كوم" السعوديّ قد أطلق سنة 2014 مبادرة بمثابة رد على يوم "الجمعة السوداء" الخاصة بالأسواق العالمية وأطلق عليه اسم "الجمعة البيضاء" واستبدل اللون الأبيض بالأسود لخصوصية يوم الجمعة لدى أغلبية العرب من المسلمين.

تحدث مبيعات الجمعة البيضاء في دول الخليج عبر الإنترنت وفي المتاجر التقليدية، وتشجع الشركات في الشرق الأوسط على استخدام بطاقات الائتمان وتحويل الأموال عبر الإنترنت بخصومات إضافية، حيث يقدم البعض فائدة 0٪ وحتى خَيار التقسيط الشهري، وتقدم في أثناء البيع عبر الإنترنت وفي المتجر ألعاب والبضائع وبطاقات الهدايا وقسائم السفر أو عروض الأسعار الكبيرة على الإلكترونيات.

وفي لبنان ومصر أيضًا ثمة احتفاء بالجمعة البيضاء حيث تقدم أغلب المتاجر عروضاً وتخفيضات وخصومات كبيرة على بضائعها.

خصومات مذهلة، ولكن؟

بالطبع لا شيء يثير شهية المتسوق للشراء أكثر من تخفيض كبير في الأسعار، وهذا هو السبب وراء أهمية عروض الجمعة السوداء حول العالم: توفير المنتجات والبضائع بتخفيضات كبيرة لا تتكرر بقية العام.

في الواقع، يبدو أن هناك الكثير من الخداع في هذا الأمر تحديداً تتبعه الكثير من المتاجر التقليدية والإلكترونية على حد سواء.

فمثلاً إذا كنت تريد شراء منتج في يوم الجمعة السوداء قيمته الإسمية 100$ ووجدت عليه خصماً بنسبة 30% مما سيجعلك تشتريه بقيمة 70$.

للوهلة الأولى يبدو لك أنك حصلت على خصم كبير لكن في الواقع أن هذا المنتج كان يباع بالفعل في نفس المتجر أو غيره بقيمة 80$ طوال العام مخصم معتاد تجريه المتاجر لتنشيط مبيعاتها. ولذلك، فإنك حصلت فقط على خصم 12.5% من السعر المعتاد بيعه وليس 30% كما يبدو لك للوهلة الأولى.

أيضاً، تقوم بعض المتاجر أيضاً باستباق الموقف قبل قدوم الجمعة السوداء فتبادر برفع أسعار المنتجات بنسب أكبر من المعتاد ومن ثم تخفيضها مرة أخرى يوم الجمعة السوداء بنفس النسبة أو حتى أقل بحيث لا تزيد نسب الخصومات الفعلية على 10%.

هذا بحسب تقرير نشرته "Wall Street Journal" بعنوان "الأسرار القذرة للجمعة السوداء" ذكرت أن من أشهر تكتيكات المتاجر في هذه الفترة هي أن تقوم بزيادة أسعار المنتجات زيادةً طفيفةً أو متوسطة قبل أيام من قدوم الجمعة السوداء وبالتالي عندما تقوم بعرض خصوماتها فستبدو للجمهور أنها خصومات كبيرة -مقارنةً بالسعر المزيف السابق- بينما هي في الواقع خصومات طفيفة للغاية، ورصد التقرير زيادة قدرها 8% شملت 20% من البضائع التي قامت بتعقبها قبل الجمعة السوداء وزيادات وصلت حتى 23% وسطياً في بعض المنتجات والألعاب.

راما علبه

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".