مقالات اقتصادية

أمريكا تدفع ضريبة سياستها المنعزلة

post-img

بدأ العد التنازلي نحو الكارثة الاقتصادية في أمريكا، ففي حين كان البعض مشغولاً بمتابعة آخر التطورات السياسية والعسكرية، كانت الساعة الاقتصادية تدق ببطء نحو الصفر.

 

لطالما اعتقدنا أن أمريكا بحكم قوتها ونفوذها ستبقى محصّنة ضد الانهيارات الاقتصادية، لكن الأرقام المخيفة التي تفصح عنها الإحصائيات تنذر بكارثة اقتصادية لم تشهد لها البشرية مثيلاً.

 

34 تريليون دولار.. هذا هو إجمالي الدين السيادي للولايات المتحدة، رقم خيالي بكل المقاييس، وبحسب تقديرات الخبراء، إذا استمرت على نفس المنوال من الإنفاق الحكومي الجامح، فإن الانهيار الاقتصادي سيعصف بها خلال عشر سنوات.

 

فبعد أن كان الاقتصاد الأمريكي قبلة للاستثمارات ومصدر إلهام للنمو الاقتصادي العالمي، إذ به يتجه الآن نحو هاوية مالية مرعبة بحسب تحذيرات الخبراء، فقد نقلت شبكة "فوكس نيوز" عن "جيمس ديمون" مدير عام إحدى أكبر البنوك الأمريكية قوله إن بلاده تتجه بسرعة نحو هاوية اقتصادية بسبب الديون المتراكمة.

 

كما صرّحت وزيرة الخزانة الأمريكية مؤخراً بأن حجم الدين الخارجي لبلادها "مخيف" بكل المقاييس، وحذر الخبراء من أن خدمة هذا الدين ستكلّف واشنطن ما يقرب من ثلث موازنتها السنوية، وهو ما يُنذر بكارثة اقتصادية حقيقية.

حيث ازداد دين الحكومة الفيدرالية الأمريكية بمقدار 4 تريليونات دولار في أقل من عام، ليصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وفي 15 أيلول الماضي، وصل حجم هذا الدين إلى مستوى قياسي جديد قدره 33 تريليون دولار، وفي 3 كانون الثاني الجاري ارتفع إلى 34 تريليون دولار.

 

يبدو أن السنة المالية التي انتهت في أيلول الماضي الماضي كانت سنة سوداء بالنسبة للموازنة الأمريكية، إذ سجلت واحداً من أكبر العجوزات في تاريخها الحديث.

فقد أعلنت الوزارة أيضاً ارتفاع عجز الموازنة إلى 1.7 تريليون دولار، بزيادة 23% عن العام السابق و320 مليار دولار إضافية من العجز!

ورغم أن هذا الرقم جاء أقل من توقعات بعض الاقتصاديين إلا أنه يُظهر تدهوراً مالياً متسارعاً لأكبر اقتصاد في العالم، فقد جاء هذا العجز بالتزامن مع انخفاض الإيرادات بمقدار 457 مليار دولار وانخفاض النفقات بـ 137 مليار دولار.

 

ويعود السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع الكبير في العجز إلى الزيادة الحادة في مدفوعات الفوائد على أكبر دين عام في العالم، فقد زادت تكاليف خدمة الدين الأمريكي 25 مليار دولار لتصل إلى 80 مليار دولار شهرياً، مسجلة رقماً قياسياً جديداً!

لذا فإن الوضع المالي للولايات المتحدة يزداد سوءاً مع كل شهر جديد، مع استمرار تفاقم أزمة خدمة الديون وتآكل الوضع المالي بشكل غير مسبوق. فهل سيتمكنون من إنقاذ أنفسهم من هذا الوضع الخطير قبل فوات الأوان؟

في وقت سابق حذر رجل الأعمال الروسي البارز أوليغ ديريباسكا من انهيار وشيك للاقتصاد الأمريكي بسبب ثقل الديون وارتفاع تكاليف خدمتها، مما سيؤدي حتماً لتراجع الطموحات العسكرية الأمريكية حول العالم.

كما أوضح ديريباسكا أنه وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يرتفع الدين العام الأمريكي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 126% بحلول العام 2024.

وختم رجل الأعمال الروسي تحليله الساخر بالقول إنه "بدون المال، سوف تتلاشى الحماسة العسكرية الأمريكية في الخارج".

 

يتزامن التدهور الاقتصادي لأمريكيا مع طلب الرئيس بايدن من الكونغرس تخصيص 105 مليارات إضافية لنفقات أمنية وعسكرية، بما في ذلك 61 مليار دولار لأوكرانيا، و14 مليار دولار لأسرائيل، وكأن هذا الوضع المالي المتردي لم يكن كافياً.

 

ولطالما تباهت الإدارة الأمريكية بدورها كـ"شرطي العالم" و"بطلة الحرية والديمقراطية"، لكنها اليوم تجني ثمار سياستها الخارجية الانفرادية وغير المسؤولة.

 

فبينما كانت واشنطن منهمكة في ضخ المليارات من الدولارات لدعم أوكرانيا عسكرياً دون قيود، وفي تزويد إسرائيل بأحدث أسلحتها الفتاكة لارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين، كانت تتجاهل مؤشرات الإفلاس والانهيار الاقتصادي الوشيك الذي تنذر به أرقامها القياسية في المديونية. 

مادة: هديل حسام الدين 

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".