لا يتكون التصور الجسدي الإيجابي أو السلبي صدفة، وعلى الرغم من أن أي منا يرى صورته في المرأة بعينيه، إلا أنها تكون انعكاساً لانطباعات وأفكار وسلوكيات اختبرناها في مراحل مبكرة من حياتنا، وكل منها بمثابة مرآة نرى صورتنا من خلالها.
عندما كنت طفلة، وقعت في غرام باربي، شعرها الطويل، جسدها المتناسق شفتاها الورديتين، وفساتينها اللامعة، لطالما حلمت أن أكون باربي، فكنتها في منزلي، ولكن!.
كبرت وأصبحت المرآة صديقتي، استنطقها يومياً بسؤال : هل أنا جميلة ؟!
استيقظ صباحاً لأنظر إلى وجهي المرهق، أحاول إخفاء الحبوب والهالات السوداء، وعلامات السهر لينتهي بي المطاف بأن الغي موعدي لأن بشرتي متعبة !
أقف على الميزان ثلاث مرات يومياً، قلقة بشأن بعض الكيلوغرامات الزائدة، بعد أن تصفحت صور المشاهير وفكرت ينفخ شفاهي الصغيرة.
أصبحت عادة يومياً بالنسبة لي أن أفكر في عملية تجميل الأنفي، وتحديد لذقني كما فعلت إحدى الفنانات التي أحب، كما صرت متمرسة بإخفاء تعبي أثناء عادتي الشهرية، وضبط انفعالاتي خوفاً من أن تلقى هرموناتي سخرية أحدهم.
هوسي بأن أرضي مقاييس المجتمع للجمال جعلني أقارن نفسي بإحداهن في جلسة نسائية ؟
وعلى اعتباري شخصية ملومة رفضت أن استمر على هذا الروتين طويلاً، أيقنت أنني لست باربي ولن أكون، مهمة الكمال الجسدي هي مهمة صعبة ومتعبة وأحياناً مستحيلة، لن نبدو النساء اللواتي نحبهن ما لم نقع في حب عيوبنا.
رغبتي بتغيير روتيني جعلني أسأل صديقتي المرآة ما معنى أن أكون جميلة ؟
تارة تجيبني جمال الروح، وأخرى تقول جمال الجسد.
لكن هل جمال الجسد ينسينا قبح الروح، أم أنه لا يغني عن جمال الروح؟
هل حولتنا وسائل التواصل الاجتماعي ومؤثريه إلى قوالب متشابهة وتماثيل شمعية ؟
فرض المجتمع معايير جمال محددة، حرمتنا كنساء من التعبير عن أنفسنا بحرية، جعلت علاقتنا مع أجسادنا، وطبيعتنا علاقة مؤذية، منتهية الصلاحية، أصبح جل اهتمامنا أن نمتلك شفاه بارزه، بشرة صافية، وعيون كبيرة مع وجه محدد المعالم، كي تفوز باستحقاق لقب الجميلة، لدرجة أصبحنا جميعاً كنساء نسخة متطابقة لالتزامنا بمعايير واحدة.
لطالما سرق قلبي شاعر المرأة نزار قباني عندما كان يتغزل ببلقيس وجمالها ويصورها على أنها أجمل نساء الكون، هل فعلاً كانت أجملهم أم أن الحب هو من صورها كذلك ؟ والأهم ما معنى أن تكون المرأة جميلة ؟ لم اقتنع بما يسمى سياسة القطيع والسير في اتجاه واحد، لطالما كنت أمشي عكس التيار باحثةً عن كسر للنمطية، فضولي للمرة الثانية استحث خيالي لأغير المعادلة وبدلاً من الإجابة على آخر سؤال طرحته وقفت أمام مرآتي بكل ثقة وسألتها: هل توجد امرأة قبيحة ؟ أكاد أجزم أنه من سنوات بعيدة لم الحظ مدى جمال عيوني الذابلة، وشحوب وجهي وشعري غير المسرح، اعتقدت أن ما سبق كان خلطة متكاملة لأكتشف تميزي وجمالي، وأدركت وقتها أنه عندما تحب المرأة نفسها وتتصالح مع جسدها تستطيع التطلع إلى مرآتها بكل ثقة لتصرخ أنا جميلة، والأهم لي كان لا توجد امرأة جميلة وأخرى قبيحة، بل هناك الفاشلة، والناجحة وهي الأجمل بتصوري.
وبالعودة إلى لكن، قررت أن أصير كأميرات ديزني، لكن بنسختي، تلك التي تشبهني دون معايير وستاندرات أملاها على المجتمع، فأنا لا اعتمد كاتالوغاً.