مقالات إجتماعية

عالم الفخامة السخيفة والقصص الفارغة!

post-img

في عالم الصور والأصوات، حيث يتقاطع الإبداع والجرأة في عرض الحياة من منظور فريد، في زمن تسيطر فيه وسائل التواصل الاجتماعي على الساحة الرقمية، يبرز العديد من الشخصيات السورية كصناع محتوى، ولكن هل يعكسون القيم والأخلاق التي نتوقعها؟


بعيداً عن روائع الإبداع والفن، يعبق البعض بجاذبية سطحية، متباهين بحياة خالية من العمق والمعنى، يقدمون قصصاً بلا قيمة ويوميات مجردة تجذب المشاهدين بالمؤثرات السريعة، دون تفكير في الصورة النمطية التي يرسمونها عن المؤثرين السوريين.


إذا كنت قد تجولت على إحدى منصات "السوشل ميديا" مؤخراً، فقد لاحظت بالتأكيد الجيش اللافت للنظر من المؤثرين وصناع المحتوى الذين يملأون خلاصاتك بالقصص الفارغة واليوميات خالية المعنى، باحثين  عن الشهرة بأي ثمن، حتى لو كان ثمنها فقدان الجودة والقيمة!

إذ أصبح من السهل جداً تحقيق الشهرة والانتشار، ولكن مع ذلك، يبدو أن البعض قد فقدوا الاتزان بين كونهم مؤثرين وبين تقديم محتوى ذو قيمة فعلية، بدلاً من تقديم ما يثري العقول ويلهم الأفكار، يقتصر اهتمامهم على مشاركة قصص مستفزة ويوميات فارغة تعكس صورة سلبية عن المجتمع السوري وعن مفهوم الإبداع نفسه، بل ويتمادى بعضهم متناسين الحدود، مستغلين نسائهم وأزواجهم وحتى أطفالهم كأدوات لزيادة عدد المشاهدين، متجاوزين كرامتهم من أجل جذب المزيد من الانتباه، يظهر البعض الآخر بكاميراتهم مكشوفين للجمهور دون تفكير في التأثير السلبي على خصوصيتهم وأسرهم.

 

لا يمكن إلا أن نتساءل ما الذي يدفع هؤلاء "المؤثرون" إلى نشر الخصوصيات البائسة بطريقة سلبية؟ هل يعتقدون حقاً أن حياتهم المملة وقصصهم اليومية المخزية ستشد انتباه المتابعين وترفع من قيمتهم الافتراضية؟ أم أنهم مجرد رواد طريقة جديدة لتحقيق الفشل الإبداعي؟

 

لنلقِ نظرة سريعة على بعض أبرز هؤلاء الأشخاص الذين يجعلون الكلمة "مؤثر" تبدو وكأنها تعني الغباء المطلق، يبدأ المشهد مع أحدهم وهو ينفذ مقالب سخيفة، أو يتباهى بهتك عرضه من أجل المشاهدات وركوب عجلة التريند، وتظهر أخرى حاملة هاتفها الذكي في يدها وتتحدث عن "يومياتها الشيقة"؟ عن أشياء عادية يفعلها الجميع يومياً، كتناول الطعام والنوم والاستحمام، معتقدةً أن حياتها المملة ستكون مثيرة للاهتمام بما يكفي لتشغل وقت الآخرين وتجعلهم يسألون أنفسهم: "كيف يمكنني أن أصبح مثلها؟"

 


قد يكونون ملوكاً في جمع الإعجابات والمشاركات، لكن الأكيد والأمر الذي لا خلاف فيه أنهم فقدوا الطريق إلى القيمة الحقيقية للإبداع.

 

يتسابقون ليثبتوا أن السخافة يمكن أن تكون فناً، والقصص الفارغة قد تصبح مصدر إلهام، في هذا الفضاء الرقمي، تظهر لنا فصول لا تنسى من "الأكشن الفارغ" و"الإبداع المفقود"، وهو ما بات يطلق يطلق عليهم بالفعل "مبدعون".
 

إن تأثيرهم السلبي على تصوّرنا عن المؤثرين السوريين يجعلنا نتساءل عما إذا كان هناك مؤثرون حقيقيون يواجهون تحدياً في بناء صورة إيجابية عن أنفسهم، قد تكون هناك أصوات ملهمة ومبدعة تختبئ وراء ضجيج هؤلاء السفهاء، ولكنها تبقى مكبوتة وسط الفوضى السخيفة التي يعيشون فيها.

 

مؤثرون السخافة وصناع المحتوى السوريين الذين ينشرون قصصاً لا قيمة لها ويتلاعبون بالخصوصيات بطريقة سلبية، يشكلون صورة نمطية سلبية عن السوريين بشكل عام، لا يساهمون سوى في تشويه الصورة وتقويض الإبداع الحقيقي، لذا، فمن الأفضل أن نركز على الأصوات الملهمة والمبدعة التي تحاول جاهدة تغيير هذا التصوّر السلبي وبناء صورة إيجابية


في نهاية المطاف، يجب أن نتساءل عن القيمة التي يضيفونها إلى مجتمعنا، هل يمكن أن يكون الضحك على حساب الجودة والفائدة مقبولاً؟ هل يمكن أن تكون السخافة بديلاً عن القيمة؟

في هذه اللحظة الحاسمة، يجب علينا أن نعيد التفكير في مفهوم التأثير وصناعة المحتوى، وأن نتأكد أن ما نستهلكه يضيف إلى حياتنا أهمية وإلهاماً، بدلاً من مجرد ضحكات سريعة تتلاشى في رحاب النسيان.

 

مادة: هديل حسام الدين 

 

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".