مقالات اقتصادية

أزمة الثمانينات والألفية.. بين الحكومة الاقتصادية والعمادي

post-img

تمر سورية اليوم في ظروف اقتصادية ومعيشية أقل ما يمكن القول عنها أنها كارثة، إلا أن من عاش في أزمة الثمانينات، يقول هذه الأيام التي نعيشها الآن ليست إلا جزء بسيط من تلك الفترة.

 

 

في أزمة الثمانينات، وبحسب كلام الأشخاص الذين عاشوا في تلك الفترة، فإنه من يمتلك علبة محارم، أو نصف كيلو سمنة، كان يرقص فرحاً في الشوارع، وعلى حد قولهم كان توجد قوة شرائية للمواطن إلى حد ما، لكن السلعة كانت مفقودة ونادرة جداً، بعكس ما نمر فيه اليوم حيث أن المواطن يمر من جنب السلعة دون القدرة على الشراء، مكتفياً بالابتسامة لها.

كان الوضع الاقتصادي في تلك الفترة على شفى حفرة من السقوط في  الهاوية والإفلاس التام، مع وجود عقوبات اقتصادية التي كانت تفرضها بعض الدول، والديون الثقيلة، التي تم تسديد جزء منها بالفوسفات وبالغنم وبالخضار والفواكه.

وفي تلك الفترة تشير التقارير إلى ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي وفقدان المواد الأولية لتشغيل المعامل والحرفيين وندرة السلع الاستهلاكية في الأسواق وطوابير المنتظرين للحصول على دورهم في شراء مقومات الحياة الغذائية مع تزايد التهريب وانخفاض أسعار العملة، وتعدّد أسعار القطع واتساع اقتصاد الظل وارتفاع معدّلات التضخم .

وفي عمق أزمة الثمانينات التي وصلت إلى لقمة عيش المواطن اضطرت الحكومة السورية في تلك الفترة إلى خلط القمح بالشعير لتوفير الخبز، وهذه ما قرره الوزير الأسبق والمنجي الوحيد لأزمة الثمانينات والذي لقب فيما بعد بـ أبو الاقتصاد السوري "محمد العمادي"

واستلم الوزير العمادي وزارة الاقتصاد السورية 1985 الذي فوجئ وقتها بعدم وجود احتياطي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، فقرر حينها بوقف عمليات الاستيراد، وركز فقط على استيراد المواد اللازمة لإنتاج الخبز فقط، وخلال عام واحد فقط تم توفير 30 مليون دولار

مع نهاية 1989 نجحت خطته بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، من القمح والخضراوات والفواكه، وأصبحت سورية لأول مرة في تاريخها دولة غير مستوردة للقمح.

وكان العمادي، ومنذ العام 1986، قد اشتغل على ثلاثة مشاريع اقتصادية إستراتيجية، لإخراج الاقتصاد السوري من محنته واعتماده على إمكانياته الذاتية، ومن هذه المشاريع، كان فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص، بالإضافة إلى إنشاء سوق للأوراق المالية، وفتح المجال للمصارف الخاصة للعمل على الأراضي السورية، والاستفادة من التحصيلات الضريبية من خلالها.

واليوم، ونتيجة سياسات الحكومة الاقتصادية الخاطئة، استذكرنا العمادي الذي يراه الكثيرون في هذا اليوم " أبو الاقتصاد السوري" الذي لم يخلف ورداً.
4

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".