في مصطلحات الحروب والنزاعات، الجميع يدفع الفواتير كاملةً، إلّا أنّ لكلّ قاعدة شواذ، وهناك دولة واحدة تستفيد من هذا الخراب وتسخّره لصالح اقتصادها وهيمنتها.

وحين نريد تفعيل وضع Zoom inعلى أكبر أزمات الدول الأوروبية، لا يسعنا أن نأخذ مثال سوى الحرب الروسية-الأوكرانية الّتي دخلت عامها الثاني وكان لها آثار سلبية على العالم بشكل عامّ وأوروبا بشكلّ خاصّ.

فالخسائر الأوكرانية لا تحتاج إلى شرح، ولكن كيف انتقلت العدوى إلى الدول الأوروبية والّتي تعاني من اختناق وتضخم اقتصادي، رغم أنها سليمة من الصراعات العسكرية والحروب على أرضها كأقل تقدير.

بدأت الاختناقات الاقتصادية في أوروبا بالأزمات الّتي تتجلى من الغاز، وصولاً إلى " بنزين" السيارة، وحتّى محصول القمح، وذلك كلّه بسبب الحرب الروسيّة- الأوكرانيّة الّتي دفعت الدول الأوروبية لحظر استيراد الغاز الروسيّ الّذي يمثل 40% من إمدادات الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
ولكن ما البديل؟
مادامت أميركا موجودة فلا خوف على العالم، ومن هذا المنطلق ارتفع تصدير الغاز الأمريكي لأوروبا بنسبة 141 بالمائة، ولم تكتفِ بذلك بل باعته ب 4 أضعاف سعر البيع داخل أمريكا.
ولم تتوانى عن إيجاد حجةً لهذه الأسعار الجنونية الّتي كانت ومازالت تبيع بها الغاز، فتقول بأنها شركات خاصة والأمر مرهون بين العرض والطلب، ممّا تسبّب بخسائر لاقتصاد أوروبا مثل ألمانيا والّتي تراجع اقتصادها 11 بالمائة.
أما بريطانيا والتي تعتبر ثاني أكبر مانح مساعدات عسكرية لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، فهذه الحرب دفعتها إلى تغيير عقيدتها العسكرية وغيّرت النظرة المستقبلية لجيشها وسياق عمله، بعد أن أعلنت في 2021 عزمها خفض عدد الجنود بالجيش إلى 72500 بحلول عام 2025 .

أمّا فيما يتعلق بالجانب العسكري، فأيضاً الولايات المتحدة حاضرة بقوة، حيث وقعت وزارة الدفاع الأمريكية عقوداً بمئات ملايين الدولارات مع كبرى الشركات الخاصة لتصنيع الأسلحة والشحن الجويّ والبحريّ مثل، Boeing, Lockheed Martin، ممّا جعلها تهيمن على أوروبا بعملية إيصال المساعدات العسكرية، وبهذه الطريقة أوكرانيا تقاتل وأوروبا تدفع وواشنطن تقبض كأكبر المستفيدين من الحرب.

راما علبه