تقف على حافة الطريق في منطقة الشيخ سعد، حاملةً بيدها خمس ربطات من الخبز، حين تعبر من أمامها تُقبل عليك بجملة "بدك خبز؟"، إنّها الطفلة رهف ذات ال 10 أعوام والتي تقطن في مزة جبل، تبيع الخبز للمواطنين لتأمين لقمة عيشها.
ليست رهف الحالة الوحيدة فالقائمة تطول، إنها جزء من ظاهرة بيع الخبز في السوق السوداء التي تنتشر بجانب الأفران في العاصمة دمشق وريفها.
تقول الطفلة رهف ل "داما بلاتفورم" أنها تحصل على خمس ربطات يومياً من الفرن بسعر 3000 ليرة سورية للربطة الواحدة وتبيعها للمواطنين بسعر 5000 وأحياناً 6000، بحال كانت جدتها الّتي تدير العمل حاضرةً، فيبدو أن أرباب المهنة يختلفون فيما بينهم بالأسعار!
لكنّه أمرٌ طبيعي، فإذا كانت مواعيد توزيع ربطات الخبز تخضع لمزاجية الأفران والتي من المفترض أن تكون منظمة ومتفق عليها تبعاً لتعليمات حماية المستهلك، فلا "عتب" على شبكة شعبية تبيع الربطة بالسعر الذي يحلو لها ويسدّ حاجتها.
فأفادت نهى (اسم مستعار) بأن فرن الشيخ سعد لا يبيعها الخبز في كلّ مرة تذهب اليه لان بطاقتها مستبعدة من الدعم، والفرن لا يملك مخصصات لأولئك الشريحة، فتضطر لشراء الربطة ب 8000 ليرة من أحد الباعة الجوالين أمام متجرها والذي تبيع به الأحذية.
هناك عائلات لديها كم فائض من المخصصات حسب بطاقتهم المدعومة، فأحياناً يحق للعائلة أن تأخذ في اليوم أربع ربطات إذا كانت مكونة من عدّة أفراد، وخصوصاً العائلات التي تملك أطفال صغار لا يأكلون الخبز، فيبيعون الفائض لأولئك المتجولين بأسعار مختلفة وبدورهم الباعة يضعون أسعاراً كما يرغبون "وكل واحد ماشي على هواه ".
وبما أن "الجيران لبعضا"، تنشط ظاهرة المندوب الذي يجمع بطاقات أقربائه ومعارفه ويجلب مخصصاتهم التي من الممكن أنهم لا يحتاجونها، فيستغلّ ذلك لبيع تلك الربطات.
يبدو أن تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي لهذا الشعب الذي أنهكته سنوات الأزمة، دفعه إلى المتاجرة حتى بلقمة عيشه لسدّ احيتاجات أخرى.
تتعدّد الأسئلة وتكثر حول هذه الظاهرة، فهل وضعت الوزارة بالفعل برنامج مخصص للبطاقات المستبعدة من الدعم، أم أن هذا الموضوع يخضع لمزاجية الأفران والمقيمين عليها؟
ولماذا تستمر ظاهرة باعة الخبز المتجولين بجانب الأفران، بالرغم من الضبوطات المستمرة والحملات التي تقوم بها الوزارة لمحاربة هذه الظاهرة؟
راما علبه