مقالات متنوعة

بطولات السوريين في 60 دقيقة

post-img

الكهرباء تعتذر من المواطنين في حي المزة 86 نتيجة انقطاعها لمدة ربع ساعة، وذلك بسبب عطل فني، حيث توجهت فرق الصيانة لمعالجة العطل، وعود التيار الكهربائي للحي، مكررين أسفنا عمّا حصل.

 

 

يطمح السوريون لسماع تلك التصريحات المجنونة من الوزارة، والتي ذوبتها ومحتها حرارة الحرب، إلا أنه يوجد عتب كبير على الوزارة، و "العتب ع قد المحبة" لكن أن تشعر بأنك مغترب في وطنك والسبب ساعتين وصل كاملتين من الكهرباء، أمر يخدش حياء كل من له يد في حرماننا من تلك النعمة.

ادخلتنا الكهرباء في سورية إلى كتاب غينس معنوياً، فمن يستطيع أن ينطلق للحياة في 60 دقيقة، قادر على أن يحتل العالم بـ 24 ساعة، وهذه ليست أقوال المسلسل الكرتوني الشهير "بينكي وبرين" ، بل يبدو أنها حقيقة سورية كهروكرتوينية .

عندما تأتي الكهرباء، فأنت أمام أولويات معنوية نفسية ومستقبلية، ومضطر  على أن تمارس عصفاً ذهنياً سريع ومباغت، لوضع خطة تتناسب مع الوضع المستعجل، لأنه لا علم لديك بتوقيت الكهرباء لتجهيز الخطة مسبقاً، وهنا يكمن الخيار الصعب، بين المستقبل والحاضر، وكل دقيقة تأخير فأنت تهدي الماضي لحظات ضائعة.

وبحركة " خفة " متقنة نتيجة الخبرة، تضع الموبايل واللابتوب بالشحن في حال كان لديك الأخير، قبل أن تقوم بإشعال المدفأة الكهربائية لتوفير المازوت، بحكم أن المازوت صعب المنال، ولتوفير الغاز تستغل "الطباخ" وهنا تدخل في عراك غير منتهي مع الأم، لأن الأخيرة تقوم بتحضير الغداء لليوم التالي، وخلال 15 دقيقة تتضح الصورة أمام عينيك، التلفاز يعمل، الأجهزة على الشحن، حتى بطارية "الليدات"،و غداء اليوم التالي يتجهز، وجبة الغسيل على الطريق، المياه في طريقها لتصبح جاهزة للاستحمام، وهنا تتخطى الرفاهية حاجز العقل، وتصبح مصدوماً بالواقع المفترض أن تعيشه يومياً في ظل وجود الكهرباء.

طبعاً هنا إن مرت الساعة بسلام، فالوضع ممتاز، لكن إن لم تمر بسلام فتبدأ محولات الكهرباء "تلطش" لحظة 220 ولحظة 570 فولط، وتبدأ مسيرة الخسائر المنزلية من براد وغسالة وهواتف، وذلك نتيجة الحمل الزائد، بسبب تهافت المواطنين لحقوقهم ، ما سبب صدمة للمحولات، وانفجارها فرحاً.

وتخيل بلد تعاني الكثير من الأزمات، ويعيش مواطنيها على ساعة وصل مقابل 8 أو 9 ساعات قطع، طلابها قادرين على التخرج من الجامعات، والنجاح في المدارس، الاستمرارية في العمل والبحث عن آخر بسب الظروف الاقتصادية التي أنهكت كاهل الآباء وحطمت آمال الشباب، وفوق كل هذا يمتلكون الأمل، يبتكرون ويبدعون ويرسمون مستقبل لدول أخرى، نتيجة اغترابهم، ففي رحلة البحث عن الحياة يرى الجميع أنفسهم خارج حدود الوطن، وهو ما يأسف ونأسف عليه.

إعداد : غدير إبراهيم

 

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".