"قلو يا فرعون مين فرعنك.. قلن ماحدا منعني" وبالمناسبة ليس دائماً الحق على الحكومة، وهذه المرة على المواطن.
المواطن الأحدب ليس أحدباً :
لم يعد لتجار الأزمة طموحاً مالياً واضحاً، حيث ركبهم البطر وركبوا معه على ظهر المواطن، مستغلين بشكل مباشر عاداته التي فرضت عليه نتيجة أسباب واضحة وغير واضحة، ولكن ماذا لو لم يتوقف هؤلاء التجار عن رفع سقف الطموحات، هل يصير المواطن أحدباً ؟ هنالك فرق كبير بين مجاعة المواطن لأنه فرض عليه، ومجاعة التجار لأنهم فرضوها عليه.
اليوم يترك المواطن المجال للتجار بالتلاعب ولو على مستوى الـ 500 ليرة التي هي الآن أصبحت دون قيمة، إلا أنها موجودة في الأسواق، ورغم الفرق بين البائع والأخر بنفس المكان بهذه الفئة إلا أنه ترك المجال ليتمادى، وتتحول الـ 500 ليرة إلى 500 ألف وهكذا تتوالى سلسلة الرفع، وعلى حساب أن المواطن تعود على جملة " 500 ليرة شو رح تعمل" لكن يا عزيزي أثر الفراشة إن لم تسمع عنه فتعلم منه، وهنا نرى أن المواطن كان سليماً وهو الذي جعل من نفسه أحدباً وتلك الحدبة "قلة الشكوى".
"الشكوى" ليست قطع للأرزاق :
وفي سياق المعاناة يتكئ التجار على أموالهم فيما يتكئ ما تبقى دونهم على الأوجاع، وبأيادي سوداء مشققة وخشنة، يخشى الكثير منهم "الشكوى" بين قطع الأرزاق، وعدم الثقة، وعلى سبيل المثال حددت التجارة وحماية المستهلك سعر قرص الفلافل 250 ليرة ليقوم أحد المطاعم أو أغلبها ببيع الفلافل في منطقة المزة 86 بـ 500 ليرة، أي الضعف عن التسعيرة النظامية، أين المشكلة لو قمت بالشكوى ؟ لن تقطع برزق صاحب المطعم لأنه سلفاً "ربحه" موجود، "ولا تلوم نفسك وتقول الأسعار مرتفعة والله يعين العباد" فهنا لا طاقة لنا بالاُثنتين، لكن لنا القدرة على الشكوى وحينها "يذوب التلج ويبان المرج" ونرى العطل من الزاوية الصحيحة.
المسؤولين بين الثقة والشكوى:
في السنوات الأخير ونتيجة القرارات "الصائبة" التي اتخذها البعض في سياق تحسين الوضع الاقتصادي، تشكلت فجوة كبيرة بينه وبين المواطن، فلا الأول يأخذ قرارات بعين الاعتبار، والثاني لم يعد يجد سبباً للثقة، وعلى كثرة الشائعات التي طرحت مع التجار وغيرهم، جعلت منهم جميعاً شركاء في هذه الظروف، وهنا لم يعد الاقتصاد السوري فقط بحاجة إلى ترميم، بل حتى تلك الفجوات والثغرات، ويطلب المسؤولون مراراً وتكراراً تقديم الشكوى في حال ملاحظة أي محاولة للغش أو غيرها، ويبدي المواطن استغرابه من المسؤولين الذين يطلبون تقديم الشكوى مستنداً في قناعته على الإشاعات التي قد تبدو في بعض المطارح صحيحة.
نتائج الشكوى :
لن نستطيع كإعلام توجيه أصابع النقد " مهنياً " إلى جهة ما، لأنه لا دليل لدينا من ناحية وأن المواطن بعدم شكواه يبدو راضياً عن وضعه "وابتزازه" من ناحية أخرى، لكن لو قمت بالشكوى هنالك احتمالين لا ثالث لهما، إما أن الجهات المعنية تحاسب المخالف على مرأى الحي الذي موجود فيه، وهو ما يؤدي مع مرور الوقت إلى خلق حالة ضبط وأن الجهات المعنية تراقب، ويتملك البائع الخوف من المواطن وليس العكس كما هو الآن، أو أن لا تقوم تلك الجهات بالرد على الشكاوي وهنا يمكن أن يتم طرح المشكلة أن المواطن يشكو ولا استجابة لديه، فيزداد بطش التجار بطشاً ويزداد فقر المواطن ضعفاً، وما تبقى كلٌ يغني على ليلاه.
إعداد : غدير إبراهيم