في عالم العلاقات الرومانسية، يتساءل الكثيرون عن سبب انخفاض مستوى الحب بعد الزواج أو في العلاقات طويلة الأمد، والإجابة على هذا السؤال تتعلق بالناقل العصبي الدوبامين وتغيراته التي تحدث مع مرور الوقت.
في المراحل الأولى من الحب، تتزايد نسبة هرمون الدوبامين وكيمياء السعادة في أجسادنا، وهذا يعزز الشعور بالانجذاب العاطفي والإشباع الجميل الذي نشعر به تجاه الشخص الآخر، ولكن مع مرور الوقت وتطور العلاقة، يتغير هذا النظام الهرموني.
أظهرت دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أن الأزواج الذين يعيشون علاقات ناجحة طويلة الأمد يظهرون نقصاً في مستوى الدوبامين في أجسادهم، وبدلاً من ذلك، يزداد تركيز هرمون آخر يسمى الأوكسيتوسين، هذا يعني أن كيمياء الحب الأولية المتمثلة في الانبهار واللهفة تختلف عن كيمياء العلاقات الطويلة الأمد المستقرة.
هذا التفسير يعد أمراً مهماً ويتعلق بالتصورات الخاطئة التي يمكن أن يكون لدينا عن الزواج والعلاقات الطويلة الأمد. قد يبني البعض فكرة الزواج على الانجذاب العاطفي فقط، وعندما يتزوجون ويكتشفون أن هذا الانجذاب يتلاشى مع مرور الوقت، تظهر الصدمة. وبالتالي، يميل بعضهم إلى الندم على قرار الزواج وينصح الآخرون بعدم الارتباط.
فما هو الحب الحقيقي وما هي مراحله؟ يمكننا أن ننظر إلى أي علاقة مثالية ونجد أنها تمر بثلاث مراحل أساسية: الانبهار، الاكتشاف، ومرحلة التعايش والعشرة.
في مرحلة الانبهار، يبدو الشخص الآخر لنا كاملاً ومثالياً، نشعر بالسعادة والانجذاب القوي له، وهذه هي المرحلة التي يتركز عليها الكثيرون في الروايات الرومانسية والأغاني.
يتبعها مرحلة الاكتشاف، حيث نبدأ في معرفة المزيد عن شخصية الشريك وتفضيلاته وأحلامه وطموحاته، نكتشف أنه ليس مثالياً وأنه يملك صفات إنسانية عادية وعيوباً مثلنا، هذه المرحلة قد تكون تحدياً حيث يمكن أن تنشأ صدمة أو خيبة أمل عند اكتشاف العيوب، ولكنها أيضاً فرصة للنمو وبناء الثقة والتفاهم المتبادل.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي مرحلة التعايش والعشرة، في هذه المرحلة، تبنى العلاقة على أساس الاحترام والثقة والتفاهم المتبادل. نكون على دراية بعيوب الشريك ونقبلها، ونعمل على بناء حياة مشتركة ومستقرة، قد يكون هناك أوقات صعبة وتحديات، لكن العشرة والالتزام تساعد في تجاوزها.
لذا، يمكن القول إن الحب الحقيقي ليس مجرد شعور الانبهار واللهفة في المرحلة الأولى، إنه عملية تطورية تتطلب صبراً وتفاهماً واحتراماً متبادلاً، قد يتغير شكل الحب مع مرور الوقت، ولكنه يمكن أن يصبح أعمق وأكثر أهمية وثباتاً في حياة الأزواج الذين يعملون على بناء علاقات صحية ومستدامة.
لذا، من المهم أن نتخلى عن التصورات الخاطئة والتوقعات الزائفة حول الحب والاعتراف بأنه عملية مستمرة تتطلب العمل والالتزام، قد يكون الحب الحقيقي أكثر إشباعاً وسعادة واستقراراً مما يمكن تصوره في البداية، عندما يتم بناءه على أسس قوية ومتينة من الاحترام والتفاهم والتعاون.