التفكير في المجال الطبي السوري وخصوصاً موضوع "هجرة الأطباء" والنقص الحاد في بعض المجالات، أمر موجع للبلاد ولا فيها من يداويها.
وفي كامل المساحة الجغرافية السورية لا يوجد سوى 10 أطباء في اختصاص زرع الكلية، جميعهم في محافظة دمشق، موزعين على 5 مراكز، مع غيابها في المحافظات الأخرى، هذا النقص والضغط سيؤدي حتماً إلى ارتكاب الأخطاء غير المقصودة، وهنا أحد أهم أسباب زيادة الأخطاء الطبية.
وبالتزامن مع الضغوطات الطبية، فقد وصلت مدة انتظار الدور بالنسبة للمريض إلى أكثر من 5 أشهر، حتى لو تم تأمين متبرع أو الحصول على الموافقة، هذه الفترة كافية لتدهور وضع المريض من جهة، وخسارة المتبرع من جهة أخرى.
اقترح رئيس وحدة زرع الأعضاء في مشفى المواساة، الدكتور عمار الراعي فتح القطاع الخاص لحالات محدّدة تشمل الأقارب المغتربين والعرب فقط، وذلك لإبعاد الشبهات عن موضوع تجارة الأعضاء الذي يثير المخاوف لدى الجهات الحكومية، وهي مخاوف مشروعة إلاَّ أنها مشكلة لا يمكن اخفاءها حتى في القطاع العام، وخاصة عندما يكون المتبرّع غير قريب، ما يثير الشبهات في بعض الأحيان بأنها تتم بـ “مقابل ما”. رغم حصول المُتَبَرِع والآخذ على موافقة وتنازل عند الكاتب بالعدل، منوهاً بنشاط القطاع الخاص بشكلٍ كبير قبل 2008، أي قبل إصدار قرار بإيقاف تلك العمليات فيه، على الرغم من إجرائِه وقتها نصفَ عمليات الزرع، مضيفاً أن قرار الإيقاف لم يفضِ إلى حلِّ أي تفصيل في المشكلة، بل على العكس تماماً زاد الضغط على المشافي الحكومية وأطال مدة الانتظار أمام المرضى.
وبالنسبة للحل، يرعى الراعي أن فتح باب الزرع أمام الخاص سيمنح المريض الذي لا يملك المال فرصةً لإجراء العملية في وقتٍ أقرب من خلال تقريب أدوار المرضى المحتاجين فعلاً في المشافي الحكومية، وإخراج المريض المُقتّدِر مادياً من الدور وإجراء الزرع له في الخاص وتقليص المدة التي كان يتوجّب عليه انتظارها، خاصة وأن هنالك مرضى لا يسمح لهم وضعهم الصحي بالانتظار مدة طويلة، ما قد يدفعهم للسفر خارج القطر لإجراء الزرع، فـلماذا لا تتمّ الاستفادة منهم.
واشترط الراعي أن يتمّ كل ذلك ضمن ضوابط معينة وشروط أصعب من الموجودة في المشافي الحكومية، عبر إتاحتها فقط للأقارب المغتربين المضطرين لإجراء العملية قبل انتهاء إقامتهم وفرض رسوم معينة، وهي رسومٌ تشمل أيضاً العربي الذي سيتكفل بإحضار المتبَرِع الذي ينتمي بطبيعة الحال لجنسيته، وأخذها بالقطع الأجنبي من دون أن تتحمّل الدولة أي تكلفة مادية!!