ظاهرة إطلاق النار والمفرقعات احتفالاً برأس السنة في عدد من المحافظات.
تخيّل أن تستقبل السنة الجديدة من كلّ عام بذكرى تعيسة تمسّك بالصميم، وتزيد من هلعك الذي لطالما حاولت الهروب منه؟
هذا بالضبط ما يحصل مع السوريين في كلّ عام أولئك الذين أضحوا يخشون صوت إغلاق باب المنزل حين يُغلق بقوة، تغلق سنة 2023 بابها أمامهم بأصوات الرصاص الذي يعرفون صوته تمام المعرفة، ويتذوقون مرارته منذ 12 سنة مضت.
لكنّ ومع دخول العام الجديد، تجد الحشود يستقبلون الساعة 12 في الطرقات بأعداد لا بأس فيها مع أطفالهم غير مكترثين لمآل تصرفهم، ودون أدنى تفكير بأنّ الخروج للشوارع في سورية يكلّفك عضوّاً من جسدك على الأقل بحال كانت والدتك راضية عنك، أما إذا أغضبتها لا سمح الله، فخروجك سيكلّفك حياتاً بأكملها خصوصاً في هذه الليلة بالتحديد.
ومع ذلك، وبرغم كلّ القوانين التي تمنع أي عملية إطلاق رصاص أو استخدام سلاح، وبرغم تحذيرات وزارة الداخلية، شهدت العديد من المحافظات السورية وفيات وإصابات نتيجة إطلاق النار الذي ترافق مع دخول السنة الجديدة، ولم تتوقف الخسائر الناجمة عن إطلاق النار على الخسائر بالأرواح ففي أحيان كثيرة ثقبت الرصاصات الطائشة خزانات المازوت أو خزانات المياه، إضافةً إلى أضرار بألواح الطاقة الشمسية.
فبدلاً من أن تستقبل العائلات عامها الجديد ببداية مبشّرة، استقبلته في المشافي إثر جروح وإصابات وأحياناً وفيات.
وبحسب مختصين، إن ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية سواء بالأتراح أو بالأفراح هي ظاهرة خطيرة جداً، إذ لا تقتصر أضرارها على الإيذاء الجسدي فحسب، الذي من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة أو إحداث إعاقات أو إصابات خطيرة للمواطنين الذين يصابون بتلك الأعيرة الطائشة.
وتعتبر مسألة إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات من الظواهر الاجتماعية السلبية الخطيرة التي كانت موجودة، وتفاقمت مع سنين الأزمة في سورية، برغم أن القانون يحتوي جملة من الضمانات لحل هذه الظاهرة لكنه وحده لن يحقق شيئاً فمثلاً؛ إن إطلاق النار من أي سلاح حربي يعتبر شروعاً تاماً بالقتل لأنه سلاح قاتل بحدّ ذاته، حتى لو لم يتوفر عنصر الإرادة الجرمية من مطلق النار وحتى لو لم يرد تحقيق النتيجة.
ويذكر أن عدد الإصابات نتيجة إطلاق النار العشوائي والمفرقعات في ليلة رأس السنة وصلت إلى العشرات موّزعةً بين مشافي حلب ودمشق واللاذقية وطرطوس والسويداء وحمص.
وفي خضم الشكاوي والتذمر من هذه الظاهرة، وبوسط ازدياد مخاوف الكثير على أحبائهم وأطفالهم إزاء تفاقم هذه الظاهرة في المناسبات والأعياد، لماذا تتكرّر مشاهد التجمعات الشعبية في مثل هذه الأيام؟
القانون وحده ليس كافٍ لإنهاء ظاهرة اجتماعية متفشية، من المفترض أن تبدأ الرقابة الذاتية وتأخذ مجراها الطبيعيّ، حين يبدأ كلّ شخص من نفسه سيكون مآل الامور إلى التحسّن.
متابعة: راما علبه