"أصبح الفساد وقحاً في سورية" هي عبارة لخص من خلالها الأستاذ في كلية الاقتصاد، الدكتور شفيق عربش الواقع الذي يعيشه المواطن السوري من حيث ملف الدعم وغيره.
وأضاف عربش بحسب الصحيفة السورية " البعث" أن الدعم في سورية حالياً موضوع شائك و معقد، فمثلاً ما يتم توزيعه للجميع، على حد سواء، ليس دعماً، فالقدرة الشرائية لراتب 375 ليرة عام 1974 كانت تؤمن 3125 ليتر مازوت! أما اليوم الراتب أكثر بـ 850 مرة من راتب 1974، لكن متوسط ارتفاع الأسعار تجاوز 20 ألف مرة، على التوازي مع انخفاض جودة البضائع.
وفي حديث الأرقام، استعرض عربش تطور الموازنة واعتمادات الدعم في الأعوام الأخيرة، ففي عام 2016، كانت اعتمادات الموازنة 1980 مليار ليرة، واعتمادات الدعم 973 مليار ليرة بنسبة 49% من الموازنة، ارتفعت في 2017 إلى 70.3%، وفي 2019 انخفض الدعم لـ 811 مليار بنسبة 20% من الموازنة، وفي2020 خصص للدعم 373 مليار ليرة؛ وقال حينها وزير المالية أن الرقم انخفض بعد “معالجة” أرقام شركة محروقات، لنجد بالعام التالي أن الدعم ارتفع لـ 3500 مليار ليرة، وفي 2024 رصد له 15.5 مليار ليرة، فهذه ليست أرقام دعم حقيقي بل مجرد تضخم أسعار.
وذكّر عربش بما حدث مطلع 2022، وتوجه الحكومة لـ “الاسطوانة المشروخة” لإيصال الدعم لمستحقيه، حيث تم إخراج 15% من الأسر من الدعم، ولم يصل لمستحقيه حتى الآن، فالبنزين ارتفع 570% بـ 8 أشهر.. فأين ذهبت هذه الإيرادات؟ وهل ساهمت بمساعدة الأسر الفقيرة؟ وأسعار السماد أغلى 100% من دول أخرى، وكذلك أسعار الكهرباء الصناعية، لنجد أن الأغنياء استفادوا أكثر من الأسعار المدعومة لأن استهلاكهم أكبر، مضيفاً أن الحكومات لا تزال متشبثة بأنها رب العمل، بينما عليها خلق الأجواء الاقتصادية السليمة ليعمل الاقتصاد والمنافسة، وتمنع الاحتكار، وتتدخل عند الضرورة فقط
اليوم، تقول التقديرات المتفائلة – وفقاً لعربش – أن 75% من الأسر السورية بحاجة لدعم، فهل تسمح الإمكانات المادية بذلك؟ موضحاً أنه إذا أردنا أن نحقق عدالة توزيع دخل فهذا ليس الأسلوب، ولابد من الانتقال لسياسة الحماية الاجتماعية، عبر إنشاء صناديق حكومية للأسر، وإعداد سجل يضم المستفيدين اسمياً على أساس الرقم الوطني، وتزويدهم ببطاقات الكترونية لشراء السلع، بالإضافة لوضع خطة شاملة للنهوض الاقتصادي، وأن يكون الدعم الإنتاجي موجها للمنتج النهائي، وليس للمدخلات، وهذا كله في حال كنا قادرين على إجراء المسوح اللازمة – وهو أمر مستبعد – ففي 2008 أجري مسح من وزارة الشؤون، وكان كل المحتاجين من أقارب كبار الموظفين في الوزارة!!
ورأى عربش أن رأسمالية الدولة مسار فاشل، والحل يتطلب خروج الحكومة من العملية الإنتاجية، واقتصارها على القطاعات الحيوية، وإعادة النظر بالتشريعات لخلق المنافسة، فالتعديلات على القوانين اليوم متسارعة ما يعني أننا بضعف تشريعي، كما يجب مساعدة المواطنين لإطلاق مشاريع صغيرة بقروض بلا فوائد للإنتاج “بلا منية الدعم”، فالآليات البيروقراطية لن تقود البلد للخروج من أزمتها.