تمتد جذور الحرف التقليدية في سورية إلى آلاف السنين، وتعد المهن التراثية جزءاً هاماً من الثقافة والتراث، ولقرون عديدة، ازدهرت هذه المهن وتمرّسها الأجداد والآباء والأجيال المتعاقبة، مما أدى إلى تشكيل هوية فريدة للشعب السوري، إذ تشتهر سورية بالعديد من الحرف التراثية المميزة، مثل صناعة السجاد والنسيج والخزف والزجاج والصناعات المعدنية والنقش على الخشب والجلود، تحمل في طياتها رموزاً وأنماطاً فريدة تعكس تاريخ البلاد وتراثها الغني.

وعندما نتحدث عن الظروف القاسية وتأثيرها على المهن التراثية والتقليدية في سورية، لا يمكن إنكار الحقيقة أن هذه الظروف قد تسببت في تراجع وتهديد كبير لهذه المهن. الحرب الطويلة والصراع المستمر، والتدمير الذي تعرضت له المدن والقرى، والنزوح الجماعي للسكان، والانتقال المتكرر للعائلات المتضررة، كلها عوامل تساهم في ضعف وتراجع المهن التراثية والتقليدية.

إذ اضطر عدد من الحرفيين والصناعيين المهرة إلى مغادرة بلادهم بحثاً عن ظروف حياة أفضل، التدهور هذا في القوى العاملة أثرعلى استمرارية هذه المهن ومن الممكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى اندثارها.

وواحدة من أهم الأسباب التي تؤثر على استمرارية هذه المهن هي نقص الموارد والمواد الأولية اللازمة لممارستها، الكثير من الحرف اليدوية تعتمد على استخدام مواد محلية المنشأ ومتاحة محلياً، مثل الخشب والحجر والصوف والجلود. ولكن مع تدمير العديد من المنشآت والمزارع وتوقف العمليات الإنتاجية، أصبح من الصعب الحصول على هذه المواد بكميات كافية وبجودة عالية.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني المهن التراثية من نقص التمويل والدعم. فالحرب أدت إلى تدهور الاقتصاد وتفكك البنية التحتية، مما أثر سلباً على الدخل والحياة الاقتصادية للعديد من الأفراد والمجتمعات. وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، يكون الاهتمام بالمهن التراثية والتقليدية أمراً ثانوياً بالنسبة للكثيرين، ويصعب على الحرفيين الحصول على الدعم المالي والتدريبات اللازمة لتطوير مهاراتهم والابتكار في منتجاتهم.

علاوة على ذلك، تأثرت حركة السياحة في سورية بشكل كبير جراء الحرب، وهذا يعني تراجعاً في الطلب على السلع والمنتجات التقليدية.