يقدمون أيديهم المليئة بالعلم والخبرة لإعطاء أصوات لأولئك الذين تعثرت قصصهم في متاهات الاعتداءات والظلم، يجمعون الأجزاء المبعثرة بعناية فائقة، ومع كلّ تفصيلة يتم استعادتها يستعيدون قطعة صغيرة من الحقّ المفقود.
يتصدى الطب الشرعي للمساهمة في تقديم الحقائق والبحث في القضايا الّتي تحدث في المجتمع من جرائم وحالات انتحار وحوادث مختلفة، لكن ما وضع الأطباء الشرعيين في سورية وهل هم على استعداد تامّ وجاهزيّة كاملة لهذه الحوادث؟
وفي هذا الصدد، أوضح معاون مدير عام الهيئة العامة للطب الشرعي للشؤون الطبية الدكتور ياسر القاسم بأن عدد الأطباء البشريين الشرعيين في سورية يبلغ 52 طبيباً أغلبهم تجاوز العقد الخامس من العمر.
وأضاف القاسم بأنّ ضعف الدخل المادي للطبيب الشرعي وإحجام الأطباء المتخرجين والمتقدمين على الاختصاص من الدخول فيه أدى لنقص الكادر البشري في هذا المجال، مشدداً على أن البلد أمام معضلة وكارثة نظراً لعدم التمكن من تعويض غياب الطبيب الذي يتوفى أو يتقاعد.
وبرأي مدير عام الهيئة العامة للطب الشرعي الدكتور زاهر حجو، هناك عوائق نفسية تعترض الطبيب حين يقرّر الاختصاص في الطبّ الشرعي، تلك العوائق لها علاقة بالتعامل مع حالات الاغتصاب والقتل، والأمراض الّتي تنتقل من الجثث المتفسخة.
ولفت حجو إلى العوائق القانونية العديدة، فالطبيب الشرعي يعمل في حقل ألغام، ربما يكون تقريره سبباً في سجنه في حال وجود خطأ فيه، ولهذا يجب أن يتم العمل على رفع الدخل المادي وتأمين حماية قانونية للطبيب الشرعي عبر تطبيق مواد القانون 17 التي لم يتم تفعيلها كما يجب.
وأضاف حجو بأن الهيئة العامة للطب الشرعي سعت لتعويض الخسائر التي أصابت 70% من منشآتها ودمرتها جزئياً أو كلياً خلال الحرب، وأنشأت الهيئة في حلب مركزاً من أكبر المراكز في الشرق الأوسط، كذلك في حمص والقنيطرة، إلى جانب مركز استعراف ضخم ومشرحة ومركز للأحياء في دمشق ومركز وفيات في مشفى المجتهد.
وختم حجو بأن المشكلة الأساسية بالنسبة للهيئة تكمن في المخابر، فهي تستعين بمخابر الطاقة الذرية ومخابر الأدلة الجنائية في إدارة الأمن الجنائي.