أخبار البلد

مخالب الأبوة المتوحشة

post-img

يقال أن الأسرة هي الحضن الّذي يمتصّ ظلم الأيام وقساوتها، ليعيدك إلى الخارج قويّاً صامداً قادراً على أن تتحدى كلّ الظروف، ولكن ماذا إن خُذلت من أسرتك وأتتك الضربة من النواة الّتي من المفترض أن تبنيك؟

ربما لا تكون مقولة "الضنا غالي" صحيحة دوماً، بل أن هناك آباء لا يستحقون بتاتاً بأن يكون لهم "ضنا"، لتجردهم من كلّ معاني الرحمة والإنسانيّة وحتّى "الأبوة"، مخلّفين جرائم تقشعر لها الأبدان بعد أن أصبح الأب بطل هذه الجرائم والمجني عليهم أطفال.

وهذا ما ظهر جليّاً منذ عدّة أيام في محافظة حماة، حيث أُدخل طفل رضيع يبلغ من العمر سنتين، إلى مستشفى الأسد الطبيّ للأطفال بسبب تعرّضه للضرب العنيف المبرح من قبل والده.

وبحسب تصريحات الأطباء في المستشفى، شمل اعتداء الأب على طفله بالضرب مختلف أنحاء جسمه، لاسيما رأسه، فأحدث وذمة رضية شديدة في أعلى الجبهة، كما ترك الضرب كدماتٍ رضية حول العينين.

ولم تكتفِ وحشيّته بهذا الحدّ، ليتابع عمله الإجراميّ، فأقدم على حرق قدم الطفل اليمنى بالسجائر، حيث صُنفت آثار الحروق على قدم الطفل بأنها من الدرجة الثانية، وبإمكانكم تخيّل حجم الآلام والمشهد الّذي كانت فيه تلك الروح البريئة الّتي لا تفقه شيئاً من هذه الدنيا، ولا تملك ذنباً سوى أن قادها القدر بأن تولد في هذه الغابة وعند هذا الأبّ.

وبقي الطفل في المستشفى قيد العلاج والمراقبة لمدة خمسة أيام حتّى تم تخريجه أمس الاثنين الماضي، فيما حصلت الأمّ على تقرير طبيّ وتقدمت بموجبه بادعاء على زوجها "الأب".

لم توضح المصادر الأسباب والدوافع التي حملت الأب على تلك الفعلة، رغم بأنه لا يوجد أيّ مبرّر لفعلته سوى العقاب العادل، فالتستر على مثل هذه الجرائم والتغاضي عنها لا يقود سوى لما هو أفظع خصوصاً حين يتعلق الأمر بالطفولة، تلك المرحلة الّتي تعتبر من أكثر المراحل حساسية.

وهنا لا يسعني إلّا تذكّر المثل الشعبيّ الّذي يقول "قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر"، إلّا أن الحال تبدّل اليوم، وتغير المشهد إلى الأسوأ، لنستيقظ على جرائم يعجز العقل البشري على تقبلها، يفترس فيها الأب أقرب الناس إليه وبقلب بارد، دون أن يتحرّك ضميره مقدار شعرةٍ ودون أن تقف الإنسانيّة أمام عينيه ولو لبرهة من الزمن.

وحول دور القانون إزاء هذه الجرائم، نصّت المادة رقم"14" من القانون رقم "21" والذي يضمن حقوق الطفل، أن للطفل الحق في الحماية من أشكال العنف كافةً، وخاصة الإساءة البدنية أو المعنوية، أو الجنسية أو الأخلاقية.

إلّا أن القانون السوريّ لم يجرّم العنف الأسري إلّا إذا تسبب بأذى جسدي كبير، ولم يخصّص عقوبة مستقلّة أو مادة متخصصة بهذا النوع من العنف، بل أحال معظم العقوبات المتعلقة به لقانون العقوبات، وذلك بحسب مصدر مطلع بالقانون.

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".