النيران تفتتح رأس السنة الشرقية

post-img

يستقبل الساحل السوري 14 كانون الثاني باعتباره رأس السنة الشرقية، بكلّ ما يدخل القمح في تكوينه، والنيران تشتعل وسط الحشود التي تحتفل معاً، مقدمين إرثاً سورياً قديماً، وبحسب التقويم الشرقي لأهالي الساحل وعدّة مناطق سورية يدعى العيد ب "القوزلة".
إنّ جذر فعل قوزلة "قزل" أي أضرم النار، وهو عيد يحمل إرثا ثقافياً واجتماعياً بامتياز، ومتأثر بالطقوس الأوغاريتية، والآشورية والسريانية، وتتميز الطقوس الأساسية لهذا العيد  بتقديم الأضاحي، وتحضير الأكلات التراثية المشتقة معظمها من القمح ( الكبة بأنواعها، المعجنات، زلابيا، القروص،  زحيلوطات)، حيث يجتمع أهالي القرية في بيت أو ساحة ويوقدون النار، ثم يدورون حولها، فيما تصدح الأغاني والأهازيج في تعبير عن الفرح.
تبلورت المعتقدات والأعياد منذ عشرة آلاف عام في القرى السورية، فجاءت الفنون ثم الكتابات التي تركها الآباء والأجداد كوثائق وشواهد للباحثين للدراسة والتوثيق، وتقديم المعلومات عن أسرار الكون، وابتكاراته وطقوسه وثقافاته.
 وإن السومريين عرفوا عيد الربيع وعرس الألهة منذ الالف الرابع قبل الميلاد، وهو عيد بعث الإله تموز من عالم الأموات، وعيد الطبيعة والزهور ودورة الحياة، واستمر هذا العيد عند الشعوب الآكادية والعمورية والكنعانية والفنيقية، والآشورية، والآرامية والسريانية إلى يومنا هذا.
والقوزلة ليست عيداً دينياً، بل هي مناسبة اجتماعية سورية وفلكية، وتراث وإرث سوري قديم وأصيل وتقليد جميل مازالت بعض مناطق وأحياء محافظة اللاذقية، وعدد من المناطق في أنحاء سورية، في حماة وحمص وإدلب وحلب ودمشق والقنيطرة وطرطوس، حيث أن استمرارية الاحتفال بالعيد امتدت من العهد الآشوري، حيث يجتمع فيه الناس ويقدمون الضيافات الشعبية والأكلات التراثية ومنها خبز التنور أوخبز القوزلة الذي يخبز فقط بهذا اليوم، وهي فطاير عجين بالزيت وحب البركة والفليفلة، كما تحضر الكبيبات وأقراص السلق وأقراص العجين المحشوّة لحماً وتسمى “زنكل”، ويقدم التمر وحب الأس والحلويات.
كما كانت بعض القرى تقيم أعراساً شعبية في هذا العيد، كما أن بعض الناس يقدر عمرهم بسنوات القوزلة، فيقال مثلاً إنّ أحدهم عمره يتجاوز (90) قوزلة!.
ويدعو هذا العيد للتسامح، وإصلاح ذات البين، ومساعدة الفقراء بالعطايا المادية، وتبادل الزيارات صباح العيد.

مقالات ذات صلة

داما بلاتفورم :

هي رحلة تتجاوز من خلالها الحدود التقليدية للإعلام ، منصتنا الرقمية التفاعلية تُقدم لك برامج متنوعة ومحتوى جريء يُلهم الأجيال الشابة ويستثمر في التحول الرقمي الإعلامي .

 

اكتشف معنا :

محتوى مُبتكر يُقدمه متخصصون في مختلف المجالات الإعلامية ، تجربة مستخدم فريدة تلائم تفضيلاتك.

 

لا تفوت الفرصة لتكون جزءًا من هذه المنصة الرائدة! انضم إلينا الآن وكن على تواصل مع العالم من خلال "داما بلاتفورم".